الشخص العصابي إنسان يحتاج إلى المساعدة


الانسان - العصابي - العصبية


  ان اعتقاد الإنسان العصابي بأن سلوكه طبيعي هو سبب تعثر قدرته على الخروج من حالته هذه دون مساعدة، فلو استطاع أن يعرف حقيقة حالته، لأمكنه أن يحدد مكامن وأسباب إحباطه - الذي أدى إلى اضطراب سلوكه - وأن يزيلها أو أن يتقبلها ويتعايش معها مما كان سيؤدي إلى اختفاء أعراض حالته المضطربة بالسرعة التي ظهرت بها تلك الأعراض.

الشخص العصابي

  وعادة ما يتعذر إقناع الإنسان العصابي بحقيقة حالته المرضية إلا بعد إخضاعه للاختبارات والفحوص السيكولوجية المناسبة التي من شأنها أن تساعده على إدراك حقيقة حالته وأنه يعاني فعلا من أعراض مرضية، بعد أن كان يعتقد قبل ذلك أنه على صواب وأن الأخرين على خطأ ؟ فعدم اكتشاف الإنسان العصابي لحقيقة حالته المرضية العصابية هو السبب في استمرارها وفي استمرار حالة الإجهاد لفترة طويلة من الزمن دون أية محاولات جدية للتغلب على تلك الحالة أو الخروج منها.
  والتطور المنطقي لهذه الحالة في مرحلتها الثالثة (بعد مرحلة تبلور الحالة ومرحلة ظهور العوارض المرضية التي ربما تظهر بعد شهور (وأحيانا سنوات) يقود في أغلب الأحيان إلى ظهور أعراض مرضية جسدية ذات منشأ نفسي.
  ففي هذه المرحلة يبدأ الخلل أو الاضطراب بالظهور في مجال الوظائف الجسدية العضوية ولم يعد يقتصر على السلوك والتصرفات، حيث تظهر الأن أعراض مرضية عضوية مثل حساسية المعدة المفرطة والحساسية المفرطة تجاه بعض أنواع الأطعمة والقرحة المعدية وعدم انتظام الدورة الدموية وارتفاع أو انخفاض ضغط الدم واضطراب وظائف الكبد أو المثانة وما إلى ذلك من الأعراض المرضية الداخلية التي تبدو عضوية "بحتة". ولكننا لا نعني هنا ولا بحال من الأحوال أن سبب كل هذه الأمراض نفسي دائما.
  إذ إننا نكون بذلك قد ارتكبنا الخطأ ذاته الذي نرتكبه بافتراضنا أن سبب كل هذه الأمراض عضوي بحت وأن معالجتها يجب أن تكون دوائية بحتة! إننا ولسوء الحظ ما زلنا ننظر في الواقع إلى جميع الاضطرابات المرضية المذكورة أعلاه على أنها ذات منشأ عضوي ونكتفي بأن نتخلص مرحليا من بعض أعراضها باستخدام الأدوية
  مع أنه كان حري بنا أن نستغل فرصة اختفاء عوارض الألم والإزعاج التي نتجت عن استخدام الأدوية لمعالجة الحالة المرضية معالجة جذرية سليمة وذلك بالقضاء على المسبب الأساسي للمرض والذي هو في كثير من الحالات الإحباط المحتقن الذي لم يتم لا التخلص منه ولا تقبله والتعايش معه! وإذا أخذنا بالاعتبار علاوة على كل ما سبق أن حوالي (30 - 40 %) من السكان البالغين ذوي المسؤولية يعانون من الاضطرابات العصابية فإن أهمية النظر إلى الأعراض المرضية من منظار سيكولوجي عضوي متكامل تتضح جلية. 
  ولا شك أن جزءا كبيرا من الكلفة المتزايدة بسرعة كبيرة لنظام الضمان الصحي يجب أن نرجعه إلى حقيقة أنا لم نبدأ بعد باتخاذ الخطوات اللازمة لكبح الانتشار المتزايد للاضطرابات العصابية والاضطرابات المرضية ذات المنشأ النفسي، وأننا ما زلنا نحاول مكافحة هذه الظواهر بمساعدة العقاقير الدوائية فحسب! 
  ومن جهة أخرى يبدو من غير الممكن أن نخلق عالما خال من الإحباط. ولا بد لنا - عندما لا نستطيع تجنبه - من أن نتعلم كيف نتقبله ونتعايش معه وربما أن نتخطاه بجدارة إن كان ذلك ممكنا من حيث المبدأ. ولعل المخرج الأسهل والأكثر واقعية من حالة الإحباط هو أن يغير الإنسان نفسه بدلا من محاولة تغيير العالم من حوله!

 يبين المخطط التوضيحي التالي مسار تأثيرات الإحباط:


لايوجد رد "الشخص العصابي إنسان يحتاج إلى المساعدة "

إرسال تعليق

Back to top