الانتباه والقبول لعلاج الاكتئاب pdf

             

كتاب الانتباه والقبول لعلاج الاكتئاب pdf



¤ معلومات الكتاب : 

-عنوان الكتاب : الانتباه والقبول لعلاج الاكتئاب
-المؤلف :  محمود عيسى / نوار العبد الله
-دار النشر : دار الخيال للنشر والتوزيع
-الطبعة : الأولى
-البلد : لبنان
-السنة : 2018
-الحجم : 59.4 MB


    ليس الاكتئاب مجرد شعور، بل هو فعل، ستتعزز وجهة النظر البسيطة هذه بقوة وأنت تقرأ هذا الكتاب؛ وهي وجهة نظر تستحق التدقيق في فحواها لأنها ما أن بزغت، حتى احتوت في مضمونها على الأخبار السارة والسيئة على حد سواء، والأخبار السيئة هي لأن العقل البشري سيحول الأمر إلى مصدر آخر للوم: «إذا كان الاكتئاب فعل، إذا علي ألا أقوم به، ولكنني على ما يبدو أقوم به، فلا بد أنه خطأي»، ولا غرابة في ذلك لأن إصدار الأحكام وإلقاء اللوم هو ما تفعله عقولنا عادة، وخصوصا عندما نكون محبطين، لكن الأفعال التي تؤدي إلى الاكتتاب -والتي هي في جوهرها اكتئاب- لا تستحق اللوم أبدا، وعلاوة على ذلك، فالعقل البشري مراوغ إلى درجة كبيرة حيث لا يستطيع أي شخص الفكاك منه دون مساعدة، فالاكتئاب ليس خطأ المكتئب.

     وعادة ما تكون الأخبار الجيدة الكامنة في وجهة النظر هذه أكثر قوة وأكثر بقاء من وهم العجز أو عادات لوم الذات، وأنت تقرأ هذا الكتاب، ستجد أن هناك ممراً ثابتاً وفعالاً يقودك إلى الأمام. فأنت لست ضحية لحياتك، ولست محكوماً بالعذاب اللانهائي؛ حالما تعرف الأفعال التي جعلتك مكتتبا، ستكتشف بأن هناك طريقاً آخر، والبديل ليس بعيدا عنك، بل هو في متناول يديك، وهو موجود هنا لمساعدتك، إنه هنا، هنا في هذا الكتاب، في هذا الكتاب الاستثنائي، يمهد لك هذا الفريق المكون من (الزوج والزوجة)، "كيرك سترو ساهل" و"باتريسيا رویسون"، الطريق الفعالة، والخلاقة للخروج من الاكتئاب والانطلاق نحو الحياة، يبدو هذا الكتاب كإشعال ضوء داخل فضاءات وجوانب من المعاناة المطبقة ويمنحك هذا الضوء إدراكاً أوسع لما هو موجود في تلك الفضاءات، وأين أنت، وماذا يوجد في طريقك.

    أستطيع القول دون الخوف من التناقض، لأن الدليل العلمي قد أظهر بأن العمليات التي يهدف إليها هذا الكتاب هي محورية وأساسية بالنسبة للاكتئاب الذي ازداد بشكل واضح في العقد الأخير، نحن نعرف الآن الكثير فيما يتعلق بطريقة عمل التعقيد المعرفي وكيف تساعد الناس بأن يصبحوا في حِل منه من خلال تركيز الانتباه، ونحن نعرف الآن الكثير كيف يعمل/يفيد تجنب التجربة، وكيف يخمد القبول الحرب داخلنا، كما تعرف الكثير حول الطريقة التي يساعدك فيها الانفتاح على التجربة في التواصل مع قيمك ومن ثم البدء بخلق حياة بأفعالك من لحظة لأخرى يتردد صداها بشكل أكثر مع شغلك الأعمق للمدلول، للكمال، والتواصل مع الآخرين.

    ليس الاكتتاب مجرد شعور بل ه وفعل ربما تخشى "آلة الكلام" التي ما بين أذنينا حقا التفوه بتلك الكلمة بسبب ما تعنيها، لكن بالنسبة للمخلوقات البشرية فالجواب مليء بالأمل، والمشروعية أن تضطرلانتظار الحياة، لقد بدات وهي حياتك لكي تعيشها.

    إذا كنت تعاني من الاكتئاب الآن، فأنت لست وحدك لأن الاكتئاب واحد من أكثر المشاكل الصحية العاطفية المتفشية في مجتمعنا المعاصر، هناك تقدير متواضع يشير إلى أن 7% من عموم الناس يعانون من الأعراض السريرية للاكتتاب في أي وقت من الأوقات (حسب تقييم كاسلر و آخرون (2005) (2005) .Kessler et al)، إذا أمعنا النظر بمشكلة الاكتئاب ذات الصلة بالمشاكل الشائعة الأخرى مثل اضطراب ما بعد الصدمة، القلق المزمن، الإدمان على الكحول أو المخدرات، يمكن أن يصل ذلك الرقم بسهولة إلى 20 ولو دققنا أكثر بعوامل الاكتتاب الحاد الناتجة عن ضغوط الحياة مثل المشاكل الزوجية، مشاكل الأبوة، الإشكالات المالية، البطالة، ظروف العيش غير الآمنة، وهلم جرا، يمكن أن يزداد ذلك الرقم أكثر وأكثر بكثير!

   الاكتاب شائع جدا وقلما تفتح التلفاز أو تتصفح الانترنت دون أن ترى إعلاناً من الإعلانات عن عقار، أو مضاد جديد، أو حتى دواء آخر يزعم بأنه فعال للاكتئاب، علاوة على ذلك، كما تميل القصص التي تتناقلها وكالات الأنباء إلى إثارة الضجة بشأن مسألة الاكتئاب، كوصف مأساة الانتحار على أنها معركة فاشلة للضحية في مواجهته، كم نتلقى العديد من الرسائل المتناقضة حول أسباب الاكتئاب، وتبدأ تلك الأسباب بالعوامل الوراثية مروراً بالأمراض البيولوجية، وصولاً إلى ردود الأفعال على ضغوط الحياة أو النكسات التي يتعرض لها الإنسان نتيجة التفكير المشتت أو التحولات الكبرى التي تحدث في السلوكيات اليومية كما تسمع أيضا إغراءات عالمية لما تكون عليه الحياة بعد معالجة الاكتتاب بنجاح حيث يبدو الشخص الذي كان يعاني الاكتتاب سعيدا الآن، وبأن علاقته أو علاقتها القديمة قد تحسنت وأقاموا علاقات جديدة، وترى إعلانات تجارية يظهر فيها الشخص الذي أعتاد أن يجلس حزيناً ورأسه بين يديه يمشي الآن بفرح مع أطفاله، شريكه، أو حيواناته الأليفة ويبدو خالي البال تماما، فالرسالة التي تهدف إليها تلك الإعلانات هي أنك إذا أردت أن تسير حياتك على ما يرام ثانية، عليك أن تسيطر على الاكتئاب أولا.

    ونحن نعتقد أن هذا التصور عن الاكتئاب ليس مضلا فقط، بل ويشير كذلك إلى أن الأشخاص المكتتبين الساعين إلى العلاج بتلك الطريقة لن يدوم الأمر معهم طويلا، فالاكتتاب هو عملية ذهنية أكثر تعقيدا مما تقدمه تلك الأنماط؛ لأن ما من اثنين يعانيان من الاكتتاب يعيشان ظروف حياة متشابهة أو متشابهين في الطريقة التي يؤثر عليهما الاكتاب والمطلوب هي طريقة تفكير أخرى مختلفة حول الاكتئاب، طريقة تعيدك إلى مقعد القيادة والتحكم بدقة مصيرك الخاص. 

منظور جديد عن الاكتئاب

     هناك العديد من المظاهر السائدة في المجتمع المعاصر التي تشجعنا على العيش بطريقة غافلة ودون تفكير، وكي تتماشى مع التقدم السريع لمظاهر الحياة، تكتظ جداول أعمالنا اليومية بالمسؤوليات والواجبات، لقد تعلمنا بأن تحديد مواعيد تناسبني وتناسب وقتي، هو نوع من الأنانية تقوم بكثير من الأعمال الروتينية يوميا بشكل جيد حتى أننا لا نفكر بما نفعله في كثير من الأحيان، وتقضي ساعات كثيرة تتحدث فيها عن الماضي والمستقبل بدلا من الحديث عن «الآن»، ومن سخرية القدر هو أننا ومن خلال اللحظة الراهنة فقط نشعر بالإحساس الحقيقي لكوننا أحياء، ولسوء الحظ، فاللحظة الراهنة كذلك هي نقطة الاتصال مع الألم العاطفي الناتج عن أحداث الحياة السابقة أو الجارية.

    يمكن أن يكون هذا الألم ناتج من صدمة تعرضت لها وأنت طفل أو بالغ، سلسلة من العلاقات الفاشلة أو من الطلاق الذي جعلك تشك بنفسك، والمشاكل المتزايدة مع الأطفال، العمل المجهد أو ضعيف المردود، وهلم جراء مهما كان مصدر ألملك، فإنك في مواجهة ورطة قائمة: لكي تشعر بحيوية الحياة، يجب أن تكون راغبا كذلك بتجريب الألم العاطفي الذي تواجهك الحياة به، وما يبعث على الحزن، في أن إحدى القواعد التي نتعلمها ونحن أطفالاً تقول، إن لم نضبط عواطف فأننا سنواجه العواقب الاجتماعية التي تترتب على ذلك، لقد تعلمنا بأن المشاعر المؤلمة سيئة لنا والغاية هو ضبطها أو إبعادها، مع أنه في الواقع لا يمكن ضبط تلك العواطف بتلك الطريقة عندما تحاول أن تضبط ما تشعر به تصبح مشاعرك أكبر وأكثر تطفلا، وعندما تحاول الهروب منها، تفوتك المعلومات الدامية التي ينبغي على مشاعرك تقديمها.

     تعطيك عواطفك، وخاصة المؤلمة منها، الرحم الذي يدفعك للقيام بالتغييرات العامة التي تجعل حياتك أكثر توازنا، وإذا تجنبت ألمك، فمن المحتمل جدا أن تستعجل تلك المشاكل وتصبح أسوا، هذا هو الفخ الذي يقع فيه الأشخاص المكتبين أنهم يقايضون عن جهل الحيوية الناتجة من العيش في اللحظة الراهنة مع وهم الأمان العاطفي.

    وعلى عكس بعض الصور الشائعة، من المهم إدراك أن الاكتتاب ليس شيئا تملكه، بل هو شيء تقوم به، فالاكتتاب هو نتيجة منظومة من السلوكيات التي تجعلك مخدر عاطفيا وغير قادر على التصرف بطرق تنسجم مع قيمك، الاكتتاب ليس انحرافاً، مصادفة، أو شيئًا من صنع الطبيعة، بل هو نتيجة منطقية لما تكرسه في حياتك، الاكتتاب هو إشارة لكونك بحاجة لإظهار موقفاً هادفاً، منفتحا وفضولياً اتجاه عواطفك، والانخراط بأفعال تعكس قيمك ومبادئك.

     لذلك إن لم تستطع السيطرة على مشاعرك أو إخفائها، فماذا بمقدورك فعله؟ تستطيع أن تختار تجربة مشاعرك وأفكارك المرغوبة وغير المرغوبة، وأن تفعل ما هو هام بالنسبة لك، هذه هي الحياة المليئة بالحيوية -الحياة الجديرة بالعيش- والخوض في غمارها ليس بالأمر السهل ولا يمنحك المشاعر السارة، كما أنه لا يقودك من حدث سار إلى آخر بالأحرى، إنه التزام بالعيش مع ما يظهر في طريق حياتك.

    يمكن أن تشعر بالحزن، الإحباط، أو القلق عندما لا تسير الأمور التي تهمك على ما يرام، وردود فعلك على هذه الأشياء هو ما يجعل الأمر مختلفا، عندما تتيح المجال لنفسك أن تشعر ما تشعر، وتفكر ما تفكر، وفي نفس الوقت، أن تتصرف وفق قيمك فهذا سيحرضك على الشعور بالحيوية والهدف والمعنى، إذا كان العيش بشكل غافل وتجنب العواطف المؤلمة هو الطريق الذي يقودك إلى الاكتتاب، فإن العيش بشكل يقظ وواع وتقبل الألم هو الطريق للخروج منه.

نهج علاج جديد عبر القبول والالتزام

    تنشأ وجهات النظر، الاستراتيجيات والمهارات الجديدة التي تعلمها في هذا الكتاب من منهج علاجي فعال ومجرب ويسمى "نظرية القبول والالتزام" (ACT acceptance and commitment therapy)، وتلفظ مثل كلمة {ACT} هو علاج سلوكي معرفي حقق حضورا بارزا في كل من الصحافة الشعبية (كصحيفة هايز وسميت) وضمن مجموعات العلاج المختصة بالإدمان على الكحول والمخدرات والصحة العقلية، لقد أثبت ACT أنه علاج ناجع للإحباط والاكتئاب بين البالغين والمراهقين، ويبدو أنه يقدم فوائد تدوم طويلا حتى بعد توقف العلاج.

    أحد الأهداف الرئيسية لنظرية ACT هو تعليمك كيفية استخدام استراتيجيات تركيز الانتباه لتعزيز وعي اللحظة الراهنة، ورعاية القبول العاطفي، وأن تعيش حياتك وفق قيمك الشخصية؛ "الانتباه" (Mindfulness) هو مصطلح واسع الاستخدام وهو يعني أشياء مختلفة للناس، لكن إذا ما تكلمنا عنه بشكل عام، فهو القدرة على تركيز الانتباه على اللحظة الراهنة بشكل متجرد وبعيدا عن إصدار الأحكام، وممارسة الرحمة مع الذات والآخرين يا والتصرف بشكل واع وهادف في الحياة اليومية، يمكن أن يواجه الأشخاص الذين يعيشون وفقًا هذه المبادئ الرئيسية الكثير من تحديات الحياة الهامة، كما نفعل جميعنا، إلا أنهم يميلون لأن يكونوا مرنين عاطفيا وأقل عرضة للاكتئاب.


كل الكتب التي سبق نشرها على المدونة تجدونها هنا: 
لتحميل ومعاينة الكتاب انقر هنا: 

لايوجد رد "الانتباه والقبول لعلاج الاكتئاب pdf"

إرسال تعليق

Back to top